صلاح الدين# الأيوبي# دون تهويل او تهوين
في تكريت العراق عام 1138 ولد يوسف بن ايوب المعروف بصلاح الدين لاسره اختلف المؤرخون علي نسبها فمنهم من قال بعروبتها ومنهم من قال بانهم اكراد حتي أن الاسرة الايوبيه نفسها اختلفت في تلك الجزئيه فأحدهم ممن حكموا اليمن قال بنسبهم الي امية ومنهم من انتسب الي بيوت أخري من قريش وهناك من نسبهم الي غطفان ولكن المؤكد بأن تلك الاسرة كانت تتولي حكم بعض الانحاء للاتابكه حكام دمشق وحلب والموصل نشأ صلاح الدين في دمشق مع والده وعمه اسد الدين في خدمة حاكمها نورالدين محمود بن عماد الدين زنكي وهكذا تشرب مبكرا بعلوم الحكم والادارة بالاضافة للعلوم الشرعية التي تأثر كثيرا بمذاهبها الصوفية وبالأخص طريقة عبدالقادر الجيلاني هكذا نشأ وترعرع صلاح الدين في بيئة سياسية اقليمية تملؤها الصراعات السياسية والمذهبية فهو تابع لال زنكي اعداء السلاجقه الروم اسيادهم السابقين وما بين الزنكيين والصليبيين المتواجدين في سواحل بلاد الشام والقدس من صراعات وعلي الجانب الغربي في مصر الخلافة الفاطمية الاسماعيلية وعدائها التاريخي للخلافة العباسية شرقا ففي الوقت الذي يحتل فيه الصليبيون بلاد الشام تتصارع ممالك المسلمين لاسباب اسرية ومذهبية وطائفية.
بعد ان تمكن جوهر الصقلي من فتح مصر وتأسيس عاصمتها القاهره وقدوم المعز لدين الله غدت مصر قلب الخلافة الفاطمية ومركز انطلاق هجماتها شرقا ففتحت بلاد الشام والحجاز واليمن حتي باتت بغداد قاب قوس او ادني من جحافل الفاطميين بل انه حدث ان تمت الدعوه للخليفه الفاطمي من بعض مساجد بغداد وبالفعل انتشر المذهب الاسماعيلي في مصر من خلال الازهر وغيرة من مراكز الدعوه الشيعية ورغم مرور كل تلك القرون مازالت بعض تلك المظاهر تراها في لون ثياب او بعض صيحات الاعتراض علي ألسنة بعض النسوة في حواري القاهرة العتيقة بذكر اسم احد الخلفاء الاربعه وبما أن اعمار الدول كأعمار البشر دبت مظاهر الشيخوخه في أوصال الخلافه الفاطمية حتي غدي خلفائها لا يملكون من امرهم شيئا سوي الاسم اما السلطه الحقيقه والفعلية في يد الوزراء وقد شهدت دولة الفاطميين الكثير من الصراعات بين كبار القادة وأصحاب النفوذ للفوز بمنصب الوزير أشهر تلك الصراعات وأخرها هو الصراع بين ضرغام الذي استنجد بالصليبيين وشاور الذي استنجد بنور الدين محمود ولقد كان لكل من طرفي القوة علي الجانب الشرقي من الحدود المصرية اهداف ومطامع في السيطرة علي مصر فهب كل منهم لنجدة حليفه فارسل نورالدين محمود جيشا بقيادة اسدالدين شيركوه ومعه ابن اخيه يوسف ابن ايوب الي مصر لضمان عدم سقوطها في يد الصليبيين وبالفعل بعد عدة مناوشات تمت السيطرة علي البلاد وحسمت المعركه لصالح شاور وفريقه الذي سيتأمر فيما بعد مع الصليبييين فتم عزله وعقابه وتولية شيركوه بدلا منه ادرك الصليبيين خطورة الوضع وتغير ميزان القوه في المنطقه فتمت الدعوه لحمله صليبيه جديده في تلك الاثناء توفي اسدالدين بعد سقوطه من علي صهوة حصانه فخلفه في الوزارة للعاضد صلاح الدين بعد الضغط الهائل من نور الدين اخيرا وصلت الحمله الصليبيه الي مصر والتي لم يستجب لها غير الامبراطور البيزنطي وضرب الحصار علي مدينة دمياط ادرك صلاح الدين حساسية موقفه فهو ما بين الصليبيين شمالا والفاطميين جنوبا غير الراضين عن وزارته فارسل الي سيده نور الدين يستغيثه وبالفعل هب حاكم دمشق لمساعدته بالهجوم علي اعمال الصليبيين في الشام مما اجبرهم علي فك الحصار عن دمياط انتصر نور الدين وتابعه علي مصر فطلب الاول من الثاني قطع الخطبة للخليفه العاضد والخطبة للعباسي ولكن صلاح الدين تردد وتلكع في الاستجابه خوفا من رد الفعل وتحت اصرار نورالدين وتهديده بالقدوم الي مصر تم الامر والغيت الخلافه الفاطميه في مصر وعادت اسميا للخلافه العباسيه وفعليا في يد صلاح الدين وبالفعل تعرض صلاح الدين لعدة محاولات اغتيال وعدة ثورات اهمها ثورة الزنوج وهم فرقه في الجيش الفاطمي ولكن في النهاية تمت هزيمتهم وغيرهم من امراء قبائل الصعيد ومشايخ البدو وللقضاء المبرم علي الفاطميين قام صلاح الدين بالفصل بين رجالهم ونسائهم مما اوجب عليه لعنات اتباع المذهب الاسماعيلي والشيعي بشكل عام
بدأت علاقة نور الدين وصلاح الدين في التأزم مره اخري حينما طلب الاول من الثاني مساعدته في حصار قلعتي الكرك والشوبك ولكن صلاح الدين انسحب فجأه خوفا من ان يخلعه نورالدين من حكم مصر علي رؤوس الاشهاد وخوفا من ان تفتح سيطرة نور الدين علي تلك القلعتين الطريق الي مصر ادرك نورالدين فقدان سيطرته علي مصر رويدا رويدا ومن هنا بدأ في تحضير جيش يهاجم به مصر لانتزاعها من حاكمها ولكن ادركته الوفاه قبل ذلك وترك ابنا صغيرا في الحكم وبالتالي عادت الكره لصلاح الدين الذي بدأ في ضم اقاليم الشام الي سلطانه حتي دمشق معقل سيده نورالدين ومقر حكم ابنه الصغير الصالح مما اعتبره البعض نكرانا للجميل وعقوقا لسيده الذي ائتمنه ومنحه السلطه والنفوذ فيما يعده البعض ضرورة لتوحيد الجبهه الاسلامية ولكن الحقيقه كان صلاح الدين يؤسس دوله يتوارثها ابنائه من بعده فالبفعل تم توليه افراد اسرته الحكم علي كل الاقاليم التي كان يحكمها الزنكيين من قبل وسقطت في يده بعد ان تمكن من السيطره علي مصر ودمشق وحلب والعراق والحجاز واليمن وقع معاهده مع مملكة بيت المقدس لمده عشر سنوات تم خرقها من حاكم الكرك واندلعت المعركه وتمكن صلاح الدين من النصر الحاسم في معركة حطين واصبحت الطريق مفتوحه للقدس وبالفعل تمكن من دخولها مما استدعي حمله صليبية جديده اهم قادتها ريتشارد قلب الاسد حاكم الانجليز انتهت الحمله ببقاء سيطرة الصليبيين علي كل ساحل فلسطين ولبنان ومع ذلك تم الاحتفال باسترداد القدس بفرحه عارمه من جموع المسلمين التي جعلت صلاح الدين يرتقي لمرتبه لم يبلغها حاكم في زمانه او ممن خلفه وقد يكون سبب ذلك ان صدمة سقوط القدس في يد الصليبيين صدمه لم يسبق لها مثيل علي العقل الجمعي الاسلامي فمنذ فتحها علي يد عمر بن الخطاب ويحكمها المسلمون فكانت تلك المره الاولي التي يفقد فيها المسلمون اولي القبلتين كذلك معظم من كتب وأرخ لصلاح الدين هم من تابعي الخلافه العباسيه واعداء الفاطميه فكان لما قام به صلاح الدين ضد الفاطميين واتباعهم اثر بالغ في التأثير علي المتعصبين لكلا المذهبين عند الكتابه عن صلاح الدين فما بين تهويل من مؤرخ عباسي او تهوين وتحقير من مؤرخ فاطمي فعلي الجانب العسكري لم يكن انتصار صلاح الدين في المجمل يرتقي لانتصار نورالدين زنكي وابيه عماد الدين واستردادهم لامارتين صليبيتين هما انطاكية اولي الامارات الصليبيه في الشام وكذلك امارة الرها كذلك لم تأخذ انتصارات بيبرس الساحقه وقلاوون واستئصالهم للصليبيين من الشام لم تأخذ نفس المستوي من البروباجندا التي نالتها معارك صلاح الدين في الجانب الاخر نري ان احد حكام الاسره الايوبيه قام بتسليم القدس مره اخري لملك الالمان كمقابل لدعمه في الصراع ضد احد حكام البيت الايوبي الاخرين ومع ذلك لم ينال ما يستحقه من نقد او ذم لما قام به وفي النهايه يمكن القول بأن صلاح الدين هو حاكم له من المزايا والعيوب التي بالغ كل طرف في تضخيم ما يخصه منها فلا هو مقدس ومعصوم من الخطأ ولا هو مثل غيره ممن يصارع من اجل شهوة السلطه والحكم وخير الاشاده تلك التي تصدر من عدوك فصلاح الدين يعد مثال للفارس النبيل المحارب في الادب الغربي الذي وصفه بالنبل والعدل.
ومن يتقي اللة يجعل لة مخرجا
ردحذف